النشوز وآثاره اوال :مقدمة تلخص المحتوى أن حق الزوجة في نفقتها يسقط عند نشوزها؛ والزوجة الناشز هي العاصية ألمر زوجها فيما له ّ ذهب جمهور الفقهاء إلى ّ حق فيه، (و ِإذَا قِي َل ا ْنش ُُزوا فَا ْنش ُُزوا) ،وس ّميت بالناشز الرتفاعها عن أمر : تعالى هللا قول ومنه االرتفاع، من والنشوز الخارجة عن طاعته، َ زوجها .وال ب ّد من معرفة ّ أن نفقة المرأة تأتي مقابل االستمتاع بها ،فإن امتنع االستمتاع تسقط النفقة. فالزوجة إذا خرجت من بيت زوجها دون إذن أو هربت دون إذن ،أو سافرت دون إذن ولو كان مع محرم ،او امتنعت من فراشه ،أو امتنعت من االنتقال معه إلى مسكن مثلها أو من السفر معه ،كل ما سبق يجعل المرأة ناشزا مرتكبة ألمر محرم شرعا وتسقط عنها النفقة .فالزوجة إذا سافرت دون إذن زوجها سواء وحدها أو مع محرم ،فإنها ال تجب لها نفقة؛ ألنها فوتت على زوجها حقه في احتباسها. أما لو كانت المرأة الناشز حامال تجب النفقة عليها أثناء فترة الحمل وتكون مرتكبة لمحرم رغم ذلك .كذلك إذا كان للمرأة الناشز اوالد يجب النفقة على األوالد فقط أما المرأة الناشز تسقط عنها النفقة. وكل ما سبق مفصال الحقا في الفتوى األولى والفتوى الثانية. ثانيا :التفاصيل ينبغي أن تقوم العالقة بين الزوجين على الثقة ،والتفاهم ،والتراحم ،وحسن الصحبة ،والمعاشرة بالمعروف .ومن المعلوم أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج وهي حق شرعي لها ،وال بد أن تكون المودة والرحمة أساس التعامل بين الزوجين ،فالزوج يبذل كل ما يستطيع إلسعاد زوجته فيكون سندا لها ،والزوجة تكون سندا له بتعاملها معه بالكالم الطيب والمحبة دون تحميله ما ال يطيق ،فالرجل عليه النفقة س إِ َّال ُو ْسعَ َها) ،وسيجعل هللا ف َن ْف ٌ علَى ْال َم ْولُو ِد لَهُ ِر ْزقُ ُه َّن َو ِكس َْوت ُ ُه َّن ِب ْال َم ْع ُروفِ ال ت ُ َكلَّ ُ (و َ وفقا لما يطيق وحسب ظروفه بدليل قوله تعالىَ : َّللا س َيجْ َع ُل َُّ ف َُّ علَ ْي ِه ِر ْزقُهُ فَ ْليُ ْنف ِْق مِ َّما آتَاهُ َُّ َّللا َن ْف ً َّللا َال يُ َك ِّل ُ س َع ِت ِه َو َم ْن قُد َِر َ سا ِإ َّال َما آتَاهَا َ س َع ٍة مِ ْن َ بعد العسر يسرا ،قال تعالىِ ( :ليُ ْنف ِْق ذُو َ ً عس ٍْر يُس ًْرا) .وال يسقط عن الزوج نفقة زوجته ،إال لسبب مشروع -كنشوزها مثال ،-قال ابن المنذر :اتفق أهل العلم على وجوب نفقة َب ْع َد ُ الزوجات على أزواجهن ،إذا كانوا بالغين ،إال الناشز .اهـ. {و َما فالنشوز محرم شرعا ،وال بد من اجتنابه واإلنسان ليس مخير في هذا بل هو مأمور باجتناب ما حرم هللا مثل النشوز ،قال تعالىَ : سولُهُ أ َ ْم ًرا أَن َي ُكونَ لَ ُه ُم ْالخِ َي َرة ُ ْ ض َال ًال ُّم ِبي ًنا} َّللا َو َر ُ َّللا َو َر ُ مِن أ َ ْم ِر ِه ْم ۗ َو َمن َي ْع ِ ض َّل َ سولَهُ فَقَ ْد َ كَانَ ِل ُمؤْ مِ ٍن َو َال ُمؤْ مِ َن ٍة إِذَا قَ َ ضى َّ ُ ص َّ َ [األحزاب ]36 : َّللا َّللا ورسوله فيهم ُحك ًما أن يخالفوه ،بأن يختاروا غير الذي قضى فيهم .ومن يعص ّ ومعنى اآلية :وال ينبغي لمؤمن وال مؤمنة إذا حكم ّ ظاهرا. ورسوله فقد َبعُ َد عن طريق الصواب بُ ْعدًا ً أمر به وكان من المعروف ،كامتناعها عن طلب زوجها لها نشوز الزوجة هو عصيان الزوجة لزوجها ،وامتناعها عن طاعته في ما َ للفراش ،وخروجها دون إذنه ،وعدم تربيتها ولده ،وسائر حقوقه ،ويُطلَق ال ُّنشوز على المرأة الكارهة لزوجها ،والتي ال تُحسن إليه في العِشرة. فال ُّنشوز قد يكون قوالً بالكالم؛ فقد تكون عادة المرأة ُحسن الكالم ،وإجابة نداء الزوج ،فتصبح سيّئة الكالم ،وال تُجيب أمره وطلبه ،وقد يكون ال ُّنشوز فعالً؛ كأن تُجيب الزوجةُ طلب زوجها ُكرها ً وغَصباً ،بعد أن كانت عادتها أن تُجي َبه بطالقة الوجه ،وقد تكون الزوجة ناشزا ً َ قوالً وفعالً ،وفيما يأتي بيا ٌن لبعض مظاهر ال ُّنشوز: .1امتناع الزوجة عن زفافها إلى بيت زوجها ،أو َمنعها لزوجها من الدخول إليها ،وذلك بعد أدائه ل َمهرها ال ُمعجَّل. ّ ّ يحق للزوج االستمتاع بزوجته دون الحق الشرعي للزوج ب ُموجب العقد الذي بينهما؛ إذ .2عدم تمكين الزوجة زو َجها من نفسها ،وهو ي. وجود مخالف ٍة شرعيةٍ ،أو ع ٍ ُذر شرع ٍّ 1 الفتوى األولى :ما ينبني على سفر الزوجة بدون إذن من أحكام السؤال سافرت زوجتي وأخذت معها أبنائي إلي بلدي األصلي برفقة أخيها حيث نسقت معه على ذلك بدون علمي وال بإذن مني ،نحن نعيش في بلد مسلم منذ 17سنة ،علما بأنني كنت هاجرها في البيت لشرائها شيئا بدون علمي ،وقد طلبت منها االعتذار عن ذلك ولكنها رفضت، وحدث بيننا شجار على ذلك ،ثم سافرت باألوالد بدون علمي ،اآلن هي في بلدي األصلي في بيت والدي وتطلب أن تقيم في بيتي الذي أعددته ألسرتي ،هل يعتبر هدا العمل نشوزا؟ وإن كان كذلك فهل لها حق النفقة والسكن إن طلقتها؟. اإلجابــة الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وصحبه ،أما بعد: فإن كان الواقع ما ذكرت فهذا نشوز من زوجتك ،إذ ال يجوز للمرأة أن تسافر بغير إذن زوجها ،كما بينا في الفتوى رقم ،209419 :فهذا التصرف يسقط عنك نفقتها وسكناها حتى ترجع عن نشوزها ،وانظر الفتوى رقم ،184025 :والمسكن من النفقة فيسقط بسقوطها ،وهذا الحكم شامل لنفقتها وسكناها في عدتها ،وسبق في الفتوى رقم.241105 : وننصحك بعدم التعجل إلى الطالق ،ونوصي بانتداب العقالء من أجل الصلح ،فالصلح خير ،والطالق قد تكون عواقبه وخيمة. وننبه إلى أنها قد أساءت أيضا بسفرها باألوالد دون إذنك ورضاك؛ ألن الحضانة بينكما قبل الطالق ،ونفقة األوالد وسكناهم واجبة وال يسقطها نشوز أمهم .وتراجع الفتوى رقم.125552 : وهللا أعلم. الفتوى الثانية :األدلة على سقوط نفقة الناشز السؤال أريد أن أستفسر عن سقوط النفقة حال النشوز ،وما هو دليله؟ وقد زاده العلماء ،ولم يجعله هللا سببًا للعالج؛ فقد ذكر فقط الوعظ والهجر والضرب ،ثم التحاكم. وكيف نستسيغ معاقبة الزوجة بالتجويع وأهل الدار يأكلون وهي تنظر؟ قد نفهم هذا وهي تاركة بيت الزوجية ،أما داخل البيت ففيه إشكال! وكيف ينفع الوعظ مع التجويع؟ اإلجابــة الحمد هلل ،والصالة والسالم على رسول هللا ،وعلى آله وصحبه ،أما بعد: فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى إسقاط نفقة المرأة الناشز -غير الحامل -في فترة نشوزها ،ولم يخالف في ذلك إال قلة من العلماء؛ جاء في تفسير القرطبي :قال ابن المنذر :اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا جميعًا بالغين إال الناشز منهن ً حامال .وخالف ابن القاسم جماعة الفقهاء في الممتنعة .وقال أبو عمر :من نشزت عنه امرأته بعد دخوله سقطت عنه نفقتها إال أن تكون نفقة الناشز فأوجبها .اهـ. وفي المغني البن قدامة :فمتى امتنعت من فراشه ،أو خرجت من منزله بغير إذنه ،أو امتنعت من االنتقال معه إلى مسكن مثلها ،أو من السفر معه ،فال نفقة لها وال سكنى ،في قول عامة أهل العلم؛ منهم :الشعبي ،وحماد ،ومالك ،واألوزاعي ،والشافعي ،وأصحاب الرأي، وأبو ثور .وقال الحكم :لها النفقة .وقال ابن المنذر :ال أعلم أحدًا خالف هؤالء إال الحكم ،ولعله يحتج بأن نشوزها ال يسقط مهرها ،فكذلك نفقتها. 2 ولنا :أن النفقة إنما تجب في مقابلة تمكينها ،بدليل أنها ال تجب قبل تسليمها إليه ،وإذا منعها النفقة كان لها منعه التمكين ،فإذا منعته التمكين كان له منعها من النفقة ،كما قبل الدخول وتخالف المهر؛ فإنه يجب بمجرد العقد ،ولذلك لو مات أحدهما قبل الدخول وجب المهر دون النفقة .اهـ. وفي شرح زاد المستقنع للشنقيطي :فإذا نشزت وأصبحت تخرج بدون إذنه ،فحينئذ يسقط حقها في النفقة؛ ألن له عليها حق السمع ساءِ } [النساء .]34:وقد أجمع العلماء -رحمهم هللا -على أن المرأة إذا نشزت والطاعة بالمعروف ،كما قال تعالىّ ِ : {الر َجا ُل قَ َّوا ُمونَ َ علَى ال ِّن َ سقط حقها في النفقة ،إال خالفًا شاذًّا لبعض العلماء فقال :لها النفقة .وهو قول الحكم ،لكن الصحيح هو ما ذهب إليه جماهير السلف والخلف -رحمهم هللا -من أن النشوز يوجب سقوط حق المرأة .اهـ. ً حامال فقد تقدم ذكر خالف العلماء في وجوب نفقتها ،وذلك في الفتوى رقم.159665 : وإن كانت الناشز أما الدليل على إسقاط نفقة الناشز فهو :أن النفقة وجبت مقابل تمكين الزوجة من نفسها ،فإذا امتنعت من ذلك سقط حقها فيها ،كالبائع إذا رفض تسليم المبيع فإنه يسقط حقه في الثمن ،ومعلوم أن العقد شريعة المتعاقدين؛ فإذا أخل أحد المتعاقدين بما عليه من واجب سقط ما له من حق يقابله. ومن األدلة كذلك :أن هللا أمر بهجرها في المضجع ،وأسقط حقها فيه لنشوزها ،فمن باب أولى إسقاط نفقتها؛ جاء في فقه السنة :إذا لم تسلم نفسها إلى زوجها ،أو لم تمكنه من االستمتاع بها ،أو امتنعت من االنتقال إلى الجهة التي يريدها ،ففي هذه الحاالت ال تجب النفقة حيث لم يتحقق االحتباس الذي هو سببها ،كما ال يجب ثمن المبيع إذا امتنع البائع من تسليم المبيع ،أو سلم في موضع دون موضع .وألن النبي صلى هللا عليه وسلم تزوج عائشة رضي هللا عنها ودخلت عليه بعد سنتين ولم ينفق عليها إال من حين دخلت عليه ،ولم يلتزم نفقتها لما مضى .اهـ ع ْن زَ ْو ِج َها ،أ َ ْو أ َ َبتْ أ َ ْن تَتَ َح َّو َل َمعَهُ إلَى َم ْن ِز ِلهِ ،أ َ ْو إلَى َحي ُ َانَ ،وقَ ْد أ َ ْوفَاهَا وفي المبسوط للسرخسيَ :وإِ َذا تَغَ َّي َبتْ ْال َم ْرأَة ُ َ ْث ي ُِري ُد مِ ْن ْالب ُْلد ِ ق ال َّناشِزَ ةِ ِب َم ْنع َح ِ ّ {وا ْه ُج ُروه َُّن َّللا تَ َعالَى أ َ َم َر فِي َح ّ ِ ظ َها فِي الصُّحْ َب ِة ِبقَ ْو ِل ِه تَ َعالَىَ : َم ْه َرهَا ،فَ َال َنفَقَةَ لَ َها؛ ِأل َ َّن َها نَاشِزَ ةٌَ ،و َال َنفَقَةَ لِل َّناشِزَ ةِ ،فَإِ َّن َّ َ ِ َّ ْ صةً، َ َ ْ َ َ َ َ َّ َّ ق األ ْولى؛ ِأل َّن ال َحظ فِي الصُّحْ َب ِة ل ُه َما َوفِي النفَقَ ِة ل َها خَا َّ اج ِع} [النساء .]34 :فَذَلِكَ َدلِي ٌل َ ض ِ فِي ْال َم َ علَى أ َ َّنهُ ت ُ ْم َن ُع ِكفَا َيتَ َها فِي النفَقَ ِة ِبط ِري ِ صا َرتْ َ س َها إلَى َّ ظا ِل َمةًَ ،وقَ ْد فَ َّوتَتْ َما كَانَ ج َوتَ ْف ِري ِغ َها َن ْف َ َو ِأل َ َّن َها إ َّن َما تَ ْست َْو ِجبُ ال َّنفَقَةَ ِبتَ ْسلِيمِ َها َن ْف َ صالِحِ هِ ،فَإِذَا ا ْمتَ َن َعتْ مِ ْن ذَلِكَ َ س َها ِل َم َ الز ْو ِ ار ِه فَ َال َنفَقَةَ لَ َها .اهـ. ي ِ ُوجبُ ال َّنفَقَةَ لَ َها ِبا ْع ِت َب ِ أمرا حتميًّا يجب على الزوج فعله إذا نشزت ،بل األولى له اإلنفاق عليها ،كما سبق التنبيه ثم إننا ننبه إلى أن إسقاط "نفقة الناشز" ،ليس ً عليه في الفتوى رقم.97063 : وبالتالي؛ فكل ما في األمر أن الزوجة لها حق النفقة وجوبًا على زوجها ،فإذا نشزت وخرجت عن طاعته فإن هذا الحق لم يعد واجبًا لها لزوال سبب وجوبه -كما تقدم.- وليس في هذا ما يتنافى مع وعظها ونصحها وتذكيرها بما عليها من حقوق. 3 ً مكمال لذلك؛ فيردعها عن النشوز ،ال سيما إذا طالت مدة نشوزها ،وكانت خارج البيت. بل قد يكون -في بعض الحاالت- وبهذا يسقط االعتراض الوارد في قولك" :وقد زاده العلماء ،ولم يجعله هللا سببًا للعالج؛ فقد ذكر فقط الوعظ والهجر والضرب ،ثم التحاكم .وكيف نستسيغ معاقبة الزوجة بالتجويع وأهل الدار يأكلون وهي تنظر ...الخ". وهللا أعلم. المصادر مصدر الفتوى األولى: https://www.islamweb.net/ar/fatwa/313753/%D9%85%D8%A7%D9%8A%D9%86%D8%A8%D9%86%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%81%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%AC%D8%A9-%D8%A8%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A5%D8%B0%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85 مصدر الفتوى الثانية: https://www.islamweb.net/ar/fatwa/292666/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D9%84%D8%A9%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D9%86%D9%81%D9%82%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B4%D8%B2 4